جاؤوا من بعيد ، بسرعة عجيبة والغباريتصاعد من خلف خيولهم ، جاؤوا إلى تلك القرية الصغيرة التي تدعى " أرضالخير " ، فحرقوا بيوتها وقتلوا شيوخها ورجالها ، واستحيوا نساءها ،وجعلوا غلمانها عبيداً وخدماً لهم .
كانت سيطرتهم على القرية من أسهل ما يكون ، فهي قرية لا يوجد بها فرسان ،وشبابها انتشروا في البلدان ، يطلبون العمل والعلم .... واستمر الحال هكذاسنة من الزمان .
بعد سنة ... عاد " عمرو بن الحارث " مع إخوته الستة ، متشوقين للقاء أهلهمبعد هذا الغياب الطويل ، وما خطوا الخطوة الأولى في القرية حتى رأوارجالاً غرباء يمرحون ويسرحون ويجولون في قريتهم دون إذن أو سلطان ،فتوقفوا من الدهشة ، أراد إخوة عمرو الدخول فأشار إليهم بالرجوع واللحاقبه ، واتجهوا إلى كهف كانوا يلعبون به وهم صغار ، فأخذون يتناقشون ويفكرونويتساءلون فيما بينهم : من هم هؤلاء ؟ وماذا حل بأهلنا ؟ وقطع تساؤلاتهمدخول شخص الكهف ، فقال عمرو في صوت غليط : من هذا ؟! فقال الغريب : أناصخر بن سنان – صديق طفولتهم – فرحب به عمرو وطلب إليه الجلوس ، فما إن جلسحتى قال : أعلمتم ما حدث ؟ فأجابوه بالنفي ، فأكمل : لقد جاء قتلة ولصوصإلى قرية منذ حوالي السنة وسيطروا عليها ، بينما كنا متفرقين في البلاد ،فقال أحد إخوة عمرو : إذاً هم لصوص ،
فأجابه صخر : نعم ، فقال آخر : وماذا حل بأهلنا ؟ فأجابه صخر : لا أعلم ، فإني قد علمت ما حصل ، من غلام عند مدخل القرية .
وقف عمرو في غضب ، وقال في حزم : يجب علينا أن نفعل شيئاً ! فقال أصغرإخوته : وماذا نستطيع أن نفعل ؟ قال عمرو : نستطيع أن نقتلهم الواحد تلوالآخر وصولاً إلى قائدهم ، ونخرجهم من قريتنا ، فوافقوا جميعاً على ذلكوقرروا البدء بالليل ، وعندما جاء العشاء ، تسللوا إلى القرية يقتلون منيقتلون من اللصوص ، ويأسرون من يأسرون ، فاعترف لهم أحد اللصوص من خوفهبمكان زعيمهم بمجرد أن سألوه ، فقرروا الذهاب إليه والإمساك به ، فاقتحمواالبيت الموجود به بعد أن قتلوا الحراس الذي كانوا على الأبواب ، ودخلواعلى زعيم اللصوص من كل الأبواب ، وقالوا : نحن أبناء هذه القرية ، التياستبحت خيراتها ، ونكلت بأبنائها ، فستلقى عقابك جراء ما فعلت ، فصرخالرجل في صوت مرتجف : أيها الحراس ؟!! ولكن أحدا لم يجب ، فأيقن أنهاالنهاية ، فقيدوه ... وسحبوه إلى وسط القرية عند بزوغ الفجر ، وأخذواينادون على أهل القرية ، فلما اجتمعوا قال عمرو بصوت عالٍ : أنا عمرو بنالحارث وهؤلاء إخوتي ، وهذا صديقي صخر بن سنان ، لقد عدنا بعد غياب طويل ،وها هو زعيم اللصوص بين أيدينا ، ففرح أهل القرية عندما أدركوا حقاً أنهذا هو زعيم اللصوص ، وأن الخطر قد زال وأخذوا يقولون بصوت عال : مرحبا ياابن الكرماء ، ثم أكمل حديثه قائلاً : وإني قررت أن هذا اللص لا يستحقالموت بسيفي ، فقررت أن أعفو عنه ، فماذا تقولون ؟! فأصاب صمت عجيب أهلالقرية ، شقه صوت امرأة عجوز – أم عمرو - : أتعفو عمن قتل أباك وشيوخقريتنا ، رقت عينا عمرو عندما رأى أمه واشتعلت أيضاً بالغضب لسماع ذلك ،فأهوى سيفه على عنق زعيم اللصوص ، وهو يقول : إن آخر