الشهيد القائد/ ياسر عرفات الذي قبض على زمام البندقية الفلسطينية وقاد معركة الثورة منذ انطلاقتها حتى اخر انفاسه التي لفظها, ليعود إلى حلمه ويحتضن عشقه فى رام الله مترقبا الانتقال إلى القدس قبلته, عاد جثمان يسجي على أكتاف شعب اختلف معه ولم يختلف عليه , لتبدأ مع رحيله صفحة جديدة من صفحات الفعل السياسى الفلسطينى, بعنوان وشعاد جديد غاب القائد فغابت الحنكة السياسية, والقيادة التاريخية التى ارتوت من ماء فلسطين, وشبعت من خير أرضها, فأحبها وعشقها, فجعلها قبلته وخشوعه.
عند الحديث عن قائد بحجم الختيار نقف فى الصف الظالم, ونكون بعيدين عن العدالة إن سمحنا لأنفسنا أن نسرد مسيرة عطاء طويلة وشاقة, وعنوان وفاء بعدة أسطر, ومقال في ذكري الاستشهاد.
لأننا بظلمنا هذا نظلم فلسطين التي مثلها بتاريخ حافل من المـأسي, والألام والاحزان والافراح والتضحيات, كما اظلمته لأنني مهما كتبت لن أزيد عما كتبه جيش الأقلام التي انبرت تستذكره في ذكراه وتبحث عن مناقبه, والخفايا التي واكبت مسيرة حياته ووفاته, وعليه فلن أغوص برحلة هذا القائد ومسيرته الطويلة والشاقة, ولكنني سأخوض بسؤال راودني وأنا أتصفح صفحات الصحف والمجلات الالكترونية منها والورقية والتي حملت جميعها على صدر صفحاتها صور ومقالات من كل الاطياف السياسية.
فالفتحاوى كتب بهمة وحماس مميز عما كان عليه في الذكرى السابقة, واليساري كتب مادحا وليس ناقدا كالعادة, ولا أغالي إن قلت بأن الذين أيدوا وعارضوا مسيرة الختيار كتبوا عنه مواقفه وشخصيته القيادية, فهل هذه الذكرى وفي هذه الظروف الخاصة جعلتنا ندرك ونشعر بحجم الفراغ الذى تركه هذا الختيار؟!
وهل افتقدناه فى ظل الحالة التي نعيش فى أتونها حاليا؟! إن الإنسان بفطرته لا يشعر بقيمة الأخر سوى بعد أن يفتقده, فالابن مثلا لا يشعر بالفراغ الذي تركه والده سوى بعد رحيله, والزجة لا تدرك حجم المسؤولية سوى عندما تفتقد زوجها السند القوي الذي كان يحكل العبء عنها.
هذه هي الحقيقة التي وجد الجميع نفسه أمامها, ودفعت الكل للهرولة لاستذكار الختيار والكتابة عنه, وأحياء ذكراه مستدركين جم المسؤولية والعبء الذي كان يحمله, والقدرة القيادية لهذا القائد الذي حمل فلسطين بهمومها , وبهموم شعبها , وبقضيتها التي تعجز الجبال عن حملها.
الذكرى السنوية السادية لاستشهاد القائد/ ياسر عرفات " ابا عمار "
لا يجب أن تمر بمثابة كرنفال احتفالب نبري له الأقلام, ونسن رؤوس أقلامنا مدحاَ بل هي ذكري يجب أن نستوحي منها الدروس والعبر من روحه التي بعثت في أقلامكم الحياة لاستذكاره, ذكري نشعل من خلالها شموع النصر والوحدة .
فالأجيال الحالية أجيال مخدوعة مضللة تهرول خلف الشعارات وفن الخطاب , تنبهر برجالات المؤتمرات وأصحاب المصطلحات المزخرفة, والمغلفة بالجمال, ولكنها في الحقيقة لا تحمل في طياتها سوي شخصيات صغيرة لات ترتقي لمستوي قيادة رياض الأطفال, وصغار لا يحملون من سمة القيادة سوى الصراخ من فوق عربات الإذاعة التي تطوف في جنازات الشهداء.
فالأمانة ليس بالكتابة والمديح لشخص الختيار بقدر ما هي استذكار لدروس وعبر في فنون القيادة, ومواقف تخضع لتحليل وتققيم حتي يتعلم منها طرشان الزفة, الذين يهتفون في المهرجانات التحريضية مثل تنابل السلطان, الذيم يحتاجون ألات السنوات الضوئية لنطلق عليهم لقب قائد وولي أمر.
لكي يعلم ابناءنا من هم القادة ومن هم أسباه القادة, فشتان بين قائد صنعته فلسطين.
وائد صنعته المهرجانات , قائد روته بندقية الثوار, وقائد روته بندقية القتلة والعصابات والمليشيات.
فعند قراءة التاريخ سنقرأ عن قائد قاد معركة من معارك الوطن, قائد انحني ليقبل قدم جريح, ويحتضن اسم طفل شهيد يردده في خطاباته, وما بين قائد وقائد نعرف أبن فلسطين .
فليتعلم أشباه القادة وأطفال السياسة من هم القادة , ومن عشق فلسطين.
وأعيد نفس السؤال هل أدركنا من هو ياسر عرفات؟!